الثلاثاء، 27 يناير 2015

نموذج من استخدام الشفرات السرية في الأندلس والمغرب العربي



في القرن السابع الهجري بدأت المصادر العربية تتناقل طريقة سرية في كتابة الأرقام بحيث لا يفهمها إلا فئات محدودة من آحاد العلماء، اشتهرت فيما بعد باسم "القلم الفاسي"، نسبة إلى مدينة فاس المعروف، ونسبت إليها لكثرة استخدامها بين علماء فاس.
والقلم الفاسي طريقة مبتكرة تعتمد على وضع رموز خاصة للأرقام الآحاد والعشرات والمئات وآحاد الآلاف وما فوقها، إلى ما لا نهاية له، وهذه الطريقة في الأساس اخترعها العلماء في بلاد المغرب الأقصى بقصد التعمية والإلغاز، والتعمية عُرفت في التراث الإسلامي والمقصود بها "تحويل نص واضح إلى نص غير مفهوم باستعمال طريقة محددة، يستطيع من يعرفها أن يعود ويفهم النص"..
واستخدم الفاسيون تلك الطريقة - في المقام الأول - في تقييد التركات، بغرض منع التلاعب والتزوير فيها.



هذه نماذج من مقال للأستاذ محمد الفاسي بمجلة مجمع اللغة العربية المصري بعنوان « حساب القلم الفاسي » وهي صورة من وثيقة تقسيم تركة كُتبت بالقلم الفاسي.
ولئن كان القلم الفاسي قد اشتهر وارتبط بتقييد التركات وما يخشى وقوع التزوير فيه، فإن استخدامه لم يكن مقتصرًا على تلك الوثائق، بل استخدمه العلماء والنُّسَّاخ في تأريخ المخطوطات، ومثال لذلك كتاب « طبقات الأطباء » لابن جُلجُل (ت بعد 377هـ) الذي نشره الأستاذ فؤاد سيد كانت نُسْخته مؤرَّخة بحساب القلم الفاسي، وقد استعان بالعلامة حسن حسني عبد الوهّاب (ت 1388هـ/1968م) لحلِّ تعميتها.
أيضا من المخطوطات المؤرّخة به:
- نسخة كتاب الشفا للقاضي عياض المحفوظة بخزانة القرويين برقم (1865)، فقد أُرِّخت بحساب القلم الفاسي في سنة (1144هـ).
- نسخة فيها المجلدة الثانية من « كتاب الأفعال » لمؤلِّف غير معروف برقم (1242) في الخزانة نفسها، وهي مؤرخة سنة (449هـ)، وعليها تحبيسُ السلطان سيدي محمد بن عبد الله العلوي في سنة (1175هـ)، وقد كتب تاريخ التحبيس بالقلم الفاسي.
ولم يتوقفْ استخدام القلم الفاسي عند ذلك، بل ربما استُخدم في تعمية الرسائل السرية على المستوى الدبلوماسي والعسكري (في بلاد المغرب)، وقد رجح الدكتور عبد الهادي التازي أن يكون هذا الاستخدام قد بدأ في (رجب1322هـ = سبتمبر 1904م) أو قبل ذلك، ثم أعيد استخدامه في ذلك التاريخ [ « تقديم مخطوطة مغربية حول المراسلات بواسطة الأرقام العربية »،  مقال بمجلة مجمع اللغة العربية المصري (51 /196)].

أما استخدام القلم الفاسي للمرة الأولى فيمكن الجزم بأن ذلك كان قبل عام (669هـ) وهي سنة وفاة الصوفيالمعروف أبي محمد عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر الأندلسي، الشهير بابن سَبْعِين، فقد ذكر المقري في ترجمته لهذا الأخير نقلا عن الشريف الغرناطي - أن ابن سَبْعِين « كان يكتب عن نفسه:
يعني الدارة التي هي كالصفر، وهي في بعض طُرق المغاربة في حسابهم سبعون؛ وشُهِر لذلك بابن دارةَ - ضَمّن فيه البيت المشهور:
... ... ... ... ...       محا السيف ما قال ابنُ دارَةَ أجمعا» اهـ([1])
والظاهر أن ابن سَبْعِين كان يعجبه التفنن في ذكر اسمه ونسبه، فقد ذكر في آخر كتابه «الإحاطة» ما نصّه: «هذا تقييد قيل فيه الحق، وظهر فيه الحق، وأملاه عبد الحق، وبالضرورة أن الفرع محمولٌ على الشجرة، وبالاتفاق قامت شُهرة الواضع من ضرب سبعة في عشرة»، و(7×10)، إشارة إلى شهرنه بابن سَبْعِين.
وقد نقل د. قاسم السامرائي عن بعض المستشرقين أن الأرقام الفاسية استخدمت في الأندلس في القرنين السادس والسابع للهجرة، فإن صحَّ ذلك فيكون القرن السادس أقدم تاريخ لاستخدام الحساب الفاسي.

وإن كان القلم الفاسي لم يكن يستخدمه - يوم كان يُستخدم - إلا القضاة والعدول، فمع مرور الوقت وقلة مستخدميه لم يَعد يعرفه أحدٌ، إلا الواحد بعد الواحد من أهل العلم، يقول الأستاذ محمد الفاسي: « هذا، وإن القلم الفاسي لم يبقَ أحدٌ يعرفه من عدول فاس وقضاتها، وفي الماضي كان كل مَن يدلي برسم عدلي لدى أحد القضاة يبدأ هذا الأخير بالتعريف بالعدلين الموقعين عليه، وبالقاضي الذي جعل عليه علامته، ثم ينظر في أشكال القلم الفاسي ويُصدِّق على الكلِّ بما يُسمَّى «الإكمال»، أي: يجعل الوثيقة معمولا بها».
وصرَّح من قبله الشيخ أحمد سْكِيرج أن القلم الفاسي «قليل الدوران بين العدول المتقدِّمين، ولا يعرفه غالبًا إلا مَن له ممارسة وبحث واعتناء بالأمور»، وقد قال ذلك في سنة (1316هـ)، وهي السنة التي ألَّف فيها «إرشاد المتعلم والناسي في صفة أشكال القلم الفاسي».
نماذج رموز القلم الفاسي
رموز الآحاد


رموز العشرات



رموز المئات



رموز آحاد الآلاف


رموز عشرات الآلاف


رموز مئات الآلاف




رموز الكسور


رمز الصفر





(2) نفح الطيب (2/196)، والدارة في حساب القلم الفاسي ترمز إلى سبعين.

الأحد، 25 يناير 2015

هل كان الصحابي أبو ذر الغفاري اشتراكيًا (مثال لانتزاع الحوادث من سياقها التاريخي)



كتاب الأعلام للزِّركلي (1893م-1976م) من أهم كتب التراجم المؤلَّفة في العصر الحديث، ولا يكاد الباحث يستغني عنه، ومع الفوائد الجليلة للكتاب، لكنه لم يخلُ من انتقادات، وهنا سأعرض لواقعة تاريخية أخرجها الزِّركلي من سياقها التاريخي، ربما لمنزع "القومية" التي  تبناها وناضل من أجلها..
قال الزِّركلي في ترجمته لأبي ذرٍّ الغفاري t [الأعلام 2 / 140]: "فسكن دمشق وجعل ديدنه تحريض الفقراء على مشاركة الاغنياء في أموالهم، فاضطرب هؤلاء، فشكاه معاوية (وكان والي الشام) إلى عثمان (الخليفة) فاستقدمه عثمان إلى المدينة، فقدِمها واستأنف نشر رأيه في تقبيح منع الأغنياء أموالهم عن الفقراء، فعَلت الشكوى منه، فأمره عثمان بالرحلة إلى الرَّبَذة (من قرى المدينة) فسكنها إلى أن مات.
وكان كريمًا لا يخزن من المال قليلاً ولا كثيرًا، ولما مات لم يكن في داره ما يكفن به. ولعله أول اشتراكي طاردته الحكومات." اهـ كلامه

وواقع الأمر بعيد جدًا عما توهمه الزِّرِكلي، وكأنه يروي قصة من نسج خياله، فقد كان أديبًا يقرض الشعر! وهذا الأسلوب الثوري السياسي وليد ذهنية ثورية قومية عروبية متشددة.. هذه الذهنية التي منعت الزركلي من وضع أي من السلاطين العثمانيين بسبب موقفة السياسي من الخلافة..
وهنا نجد أن الصورة التي تصورها المؤلِّف عن قصة الصحابي أبي ذر الغفاري ليست صحيحة تاريخيًّا.. إنما الأمر أن أبا ذرٍّ t كان يفسّر آية من كتاب الله تفسيرًا مغايرًا لتفسير معاوية t وعثمان t، بل خالف فيه تفسير معظم الصحابة y، ويحكي لنا البخاري رحمه الله هذا الخلاف في صحيحه عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ:
"مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ t، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا؟ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي: ) وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ( [سورة التوبة: 34] قَالَ مُعَاوِيَةُ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ. فَقُلْتُ: نَزَلَتْ فِينَا، وَفِيهِمْ، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْكُونِي، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ: أَنْ اقْدَمْ الْمَدِينَةَ. فَقَدِمْتُهَا، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ، حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ، فَقَالَ: لِيّ إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ، فَكُنْتَ قَرِيبًا. فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا الْمَنْزِلَ، وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا، لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ."[البخاري، حديث: 1406]
ولذلك كان يحرض الأغنياء أن ينفقوا أموالهم، وليس كما قال المؤلِّف أنه "جعل ديدنه تحريض الفقراء على مشاركة الأغنياء في أموالهم." وكان الدافع له هو الخوف على الأغنياء من أن يصيبهم الوعيد في الآية، لأنه يرى أنه لا يجوز كنز المال فوق حاجة الإنسان، فلم يكن هدفه شركة الفقراء في أموال الأغنياء ولم يكن هدفه أغناء الفقراء لأن رؤيته تقتضي أن الفقراء لا ينبغي لهم كنز المال إن حصَّلوه ..


وأما الحكومة التي قال عنها المؤلِّف أنها الحكومة التي تطارد الاشتراكين، إنما كانت خلافة راشدة، في المنظور الإسلامي، ولكن الزركلي يعيش حالة عداء ذهني مع مسمى الخلافة لعدائه الشخصي مع الخلافة العثمانية! وهذه الخلافة الراشدة في واقع الأمر لم تطارد أبي ذرّ، بل هو الذي آثر الخروج من المدينة، ولم يطرده الخليفة عثمان t .. وذكر الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث المذكور ما يبين الأمر على حقيقته، فقال رحمه الله:

"قَوْله: ( بِالرَّبَذَةِ ) بفتح الراء والموحدة والمعجمة مكان معروف بين مكة والمدينة، نزل به أبو ذرّ t في عهد عثمان t ومات به، وقد ذكر في هذا الحديث سبب نزوله، وإنما سأله زيد بن وهب عن ذلك لأن مبغضي عثمان t كانوا يُشنِّعون عليه أنه نَفَى أبا ذر t، وقد بَيَّن أبو ذر t أن نزوله في ذلك المكان كان باختياره. نعم أمره عثمان t بالتنحي عن المدينة؛ لدفع المفسدة التي خافها على غيره من مذهبه المذكور، فاختار الربذة.
وقد كان يغدو إليها في زمن النبي r كما رواه أصحاب السنن من وجه آخر عنه، وفيه قصة له في التيمم.
ورُوِّينا في فوائد أبي الحسن بن جذلم بإسناده إلى عبد الله بن الصامت قال:
"دخلت مع أبي ذر t على عثمان t، فحسر عن رأسه، فقال: والله ما أنا منهم، يعني: الخوارج. فقال: إنما أرسلنا إليك لتجاورنا بالمدينة. فقال: لا حاجة لي في ذلك ، ائذن لي بالربذة . قال: نعم.". ورواه أبو داود الطيالسي من هذا الوجه دون آخره.
وقال بعد قوله "ما أنا منهم":
"ولا أدركهم ، سيماهم التحليق ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، والله لو أمرتني أن أقوم ما قعدت" [مسند الطيالسي، حديث: 451].
وفي "طبقات ابن سعد"  من وجه آخر أن ناسًا من أهل الكوفة قالوا لأبي ذر t وهو بالربذة:
"إن هذا الرجل فعل بك وفعل، هل أنت ناصب لنا راية - يعني فنقاتله - فقال: لا، لو أن عثمان t سيرني من المشرق إلى المغرب لسمعت وأطعت". " انتهى كلام ابن حجر [فتح الباري 3 / 274]..

وزاد في [الطبقات الكبرى 4 / 227] على ما نقله ابن حجر: "والله، لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة، أو أطول جبل، لسمعت وأطعت، وصبرت، واحتسبت، ورأيت أن ذاك خير لي، ولو سيرني ما بين الأفق إلى الأفق، أو قال: ما بين المشرق والمغرب، لسمعت، وأطعت، وصبرت، واحتسبت، ورأيت أن ذاك خير لي، ولو ردني إلى منزلي، لسمعت، وأطعت، وصبرت، واحتسبت، ورأيت أن ذاك خير لي."

فالأمر إذن بعيد كل البعد عن تفسيرات الزركلي، وإنما وقع في ذلك لأنه انتزع الخبر من سياقه التاريخي، واحتكم في تفسيره لمعهود عصره عصر القومية العربية والنزعة الاشتراكية

تحميل كتاب المخطوطات Coronavirus  google download books 

السبت، 24 يناير 2015

التراث.. لماذا؟



الذاكرة الجماعية والهوية الجماعية والوعي الجماعي مصطلحات قريبة هي بمثابة الدليل الإرشادي لأي أمة أو مجتمع لأنها خليط من الأفكار والثقافة والتقاليد المتراكمة.. تشكلت بصورة أساسية من التراث والتاريخ.. لذلك لا يستطيع أحد أن يعرف نفسه خارج سياقه التاريخي، وإلا سيكون شخصًا آخر غير نفسه..

التراث من أهم منابع الهوية .. الهوية الفردية والهوية الجمعية .. من دون هذه الهوية يضمحل ويتفكك هذا الفرد أو تلك الجماعة داخليًا، أو تندمج ثقافيًاً في التيارات الحضارية والثقافية الأخرى التي تتمكن من فرض هوياتها الخاصة.. والأمم الضعيفة الهامشية تتعرض لهذا التفكيك باستمرار وقوة .. ويُدفعون نحوه بقوة مطردة .. من قِبَل التيارات العالمية الأقوى والأكثر وعيًا بهويتها ..

والوعي الجماعي في ذهن الأفراد والمجتمعات -كموقف وجودي وإنساني- يتكون عبر تراكم معرفي طويل، تبعًا لمعايير أخلاقية وعقلية، تتشكل كنتاج لحركة المجتمع، مما يعبر عن خواص الأمة وكينونتها.

والأمة أي أمة ليست مجرد جمع عددي للأفراد بقدر ما هي تراكم معرفي للعقول والأنفس والأمزجة والعادات والأعراف، هذا التراكم المعرفي يسهم بشكل كبير في تحديد ملامح الأمة وقدرتها على تحقيق وجودها وتفاعلها مع حركة التاريخ.

والتظور المعرفي والتكنولوجي الرهيب يُحدث خلخلة للوعي الجمعي في الأمم الهامشية المتأخر، وكلما كان وعي تلك الأمم بذاتها مشوشًا كانت مقاومتها لهذا السحق الحضاري أضعف.. ومقاومة هذا السحق لا تكون إلا بوعي حقيقي بتاريخ الأمة وباطلاع شامل على إرثها الفكري والأخلاقي (التراكم المعرفة) .. وهذا ما تفهمه جيدا الإمبريالية العالمية لذلك لا تدخر جهدًا في زيادة الاضطراب والتشويش والتخبط والإبعاد عن خصوصية الأمة وتاريخها

والتراث العربي الإسلامي يتمثل معظمه في المكتبة العربية على مدار 14 قرنًا من الزمان.. تلك المكتبة في حاجة إلى جهود كبيرة جدًا للوقوف عليها ثم إلى محاولة فهمها في سياقاتها التاريخية المختلفة ثم إلى البث والنشر والتقريب والتبسيط لكل الأفراد


ويمكن أن نقرب الصورة بالإنسان فاقد الذاكرة فهو وعاء فارغ لما يوضع فيه.. لذلك هو منقاد وفق أي أفكار تُدس في عقله الفارغ، ليس كذلك فحسب بل وقع هذا الراجل في يد عدوه التاريخي الذي خطط تخطيطًاً دقيقًا لاستغلال فقدانه الذاكرة حتى يتمكن من تحويله إلى جندي من جنوده ..

الأمم حالها كحال هذا الإنسان إن تخلت عن تراثها = تفقد هويتها = تفقد رؤيتها = تصبح مادة لينة تتشكل كما يتفق لها أو كما يشاء من يتسلط عليها ..

هذه ليست دعوة للانكفاء على الذات .. لكنها دعوة لمعرفة الذات والحفاظ على الأنا دون الانمحاق في الآخر.. هي دعوة للاشتراك مع الآخر لإنتاج معرفة عالمية متعددة المشارب ..

لهذا التراث..

لهذا ينبغي أن نحافظ على ذاكرة أمتنا = التراث